١٢/٢٥/٢٠١١

نويل

عزيزي بابا نويل, أو كما كنت أسمّيك في صغري في بلاد البلقان "ديادو مراس" أو الجدّ مراس,

أعلم أنّ آخر رسالة وصلتك منّي كانت قبيل عودتي إلى وطني منذ 17 عاماً, ربّما لا تذكُرني, حينها طلبتُ منك درّاجةً ناريّةً فوصلتني درّاجةٌ هوائيةٌ, فاعتبرت حينها أنّ سنّك أثّر على نظرك ولم تقرأ ما طلبته منك بوضوح وإنْ كنت أشكرك عليها فقد كانت جميلة. بدايةً أعتذر عن انقطاعي عن الكتابة إليك طوال هذه المدّة, ربّما كان ذلك لأنّني اعتقدتُ أنّني لن أحتاج إلى شيءٍ منك بعد عودتي إلى وطني حيث خزائن أحلامي, أو لأنّك لن تستطيع الوصول إلى هنا بما أنّك "بيرسونا نان جراتا" أو شخصٌ غير مرغوبٍ فيه من قِبل الكثير من أهل وطني رغم أنّك ذو لحية, أو لأنّني اعتبرتك رمزاً للعولمة بردائك الأحمر الّذي أهدته لك شركةُ المياه الغازية العالمية المشهورة كي تصبحَ لها أيقونة رغم أنّ الأحمرَ كان رمزاً للرفاق في المعسكر الشرقي, أو ربّما لأنّني خجلت أن أرسل إليك أطلب ألعاباً حين رأيت حال معظم الأطفال في وطني المحتاجين إلى الخبز والحليب وإلى ما يستر أبدانهم, ولم يكن لديّ نقودٌ تكفي لإرسال رسائل إليك في القطب الشمالي عن كلّ واحدٍ منهم, ولكنّني الآن أرسل إليك طالباً أن تركب غزلانك الطائرة لتأتي وتلقي نظرة على أطفال وطني, فقد كانوا طيّبين طوال العام ولم يؤذوا أحداً ويستحقّون منك على الأقلّ نظرة, لا يريدون ألعاباً فلديهم ما يكفي من الألعاب "النارية" المذهلة, والّتي ولفرطِ روعتها تفتح _حرفياً_ باب الجنّة لكلّ من يراها منهم, وإن كانوا محتاجين لأحضان أمّهاتهم أكثر من كلّ أبواب الجنّة في سنّهم هذا, فالجنّة تحت أقدام الأمّهات فما بالك بأحضانهنّ, وتلك الألعاب الناريّة العجيبة تصنّعها شركاتٌ كتلك الّتي أهدتك رداءك الأحمر الّذي ربّما كان مغموساً بشيءٍ من دماء أطفالنا! أحضر معك زوّادتك من الطعام حين تأتي فهم لن يتركوا لك البسكويت والحليب على رفّ المدفأة إن كانت موجودة, فمعظم وطننا يستورد القمح والألبان رغم إمكانية توفيرهم, ومعظم أطفالنا بالكاد يحصلون على كفايتهم منها, ولا تبحث عن مدخنة, ففي البرد يلتحف معظم أطفالنا أحلامهم فوق أغطيتهم طالبين دفئاً أكثر, كما لا تبحث عن شجرة ميلادٍ, فالميلاد هنا هو موتٌ بعد حين, والأشجار هنا تأبى دخول منازل يدخلها الحزن والجوع فهي لا تريد أن يتحوّل ما تحصل عليه من مياهٍ قليلة إلى دموع, ولا تغضب إن خافوا منك إن رأوك, فهم لا يحملون ذكرى طيّبة للرجال الغرباء, ألق نظرة عليهملترى إن كانوا يستحقّون بعضاً من عطفك وقد تخلع عنك رداء العولمة وتلبس رداء الإنسانية أو قد تجلب شركاتك لتقضي على من تبقّى منهم كي لا يسمع العالم نواحاً بعد الآن. لن أُتعب نظرك بعد الآن