٦/٢٣/٢٠١٠

عناصر 1

إنّ تنوّع شعوب العالم يخلقه اختلافهم في العديد من النواحي منها الدينية والثقافية والشكلية, والسبب الرئيس لهذا هو اختلاف البيئة المحيطة بكلّ شعب من هذه الشعوب, فالبيئة هي المشكّل للثقافة والبنية الشكلية للجماعة, والبيئة تؤثّر في تفكيرها الديني كذلك, مثلما أحال بعض القدماء الظواهر الطبيعية غير المفهومة إلى سبب ديني مثل اعتقاد المصريين القدماء أنّ فيضان النيل سببه دموع إيزيس, واعتقاد الإغريق القدماء أنّ البرق هو سهام زيوس يطلقها عند غضبه, وكذلك اختلاف شكل الجحيم في عقائد الجماعات باختلاف بيئتها. وللبيئة دور أساسي في تشكيل الصفات الظاهرية للجماعات, كالزوائد الموجودة في عيون شعوب شرق و وسط آسيا والتي تعطيها شكلها المميّز, وسبب وجودها هو البيئة حيث تقلّل هذه الزوائد كميّة الأشعة فوق البنفسجية التي تدخل العين والتي تكون بنسب عالية صيفاً في تلك المناطق, وتقوم بحماية العين من البرد القارس في تلك المناطق والّذي يصل إلى عشرات الدرجات تحت الصفر و من الرياح الشديدة المستمرّة معظم أيام السنة. وكذلك اللون الداكن المميِّز لبشرة الجماعات القاطنة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا سببه توافر مادّة الميلانين بنسب عالية في بشرتهم وهذه المادّة تقوم بحماية الجلد من آثار الأشعة فوق البنفسجية التي تسبّب طفرات في الجلد تؤدي إلى أنواع من السرطان, وبحكم تواجد تلك المناطق قرب خطّ الاستواء تنال نسب عالية من الأشعة فوق البنفسجية فحمايةً لقاطنيها ازدادت نسبة الميلانين في بشرتهم ممّا أكسبهم اللون الداكن عكس قاطني المناطق البعيدة عن خط الاستواء الذين تقل عندهم نسب الميلانين بسبب عدم توافر أشعة الشمس لفترات كافية من العام. كما ثبت أنّ البشرة الّتي تحتوي على نسبة أكبر من الميلانين تكون أكثر مقاومة للسع الحشرات المتوافرة بكثرة في مناطق إفريقيا. هذه الصفات الشكلية المختلفة عند الجماعات ما هي إلا طفرات حميدة في جينات الجماعة أوجدها الله لتقوم بدور في استمرار الجماعة في البيئة التي تعيش فيها
كلّ الاختلافات بين الجماعات البشرية هي اختلافات شكلية أو ثقافية فقط, وأعني بثقافية هنا طريقة الحياة والاستمرار في ظروف البيئة المحيطة, ولكن لا يوجد أي فرق في القدرات العقلية والنفسية بين أيٍّ من الجماعات البشرية على وجه الأرض, حتّى تجارب الألمان في الحقبة النازية لم تستطع إثبات وجود اختلافات عقلية بين الجماعات المختلفة. و الاختلافات في التطوّر بين هذه الجماعات مردّه إلى أنّ الجماعات المتطوّرة أكثر من غيرها اعتمدت بمعظمها منهجاً وطريقة حياة أدّت إلى تطوّرها, فكما نرى تاريخياً فمناطق التطوّر و الحضارة وأقطابها تختلف باختلاف الزمن, فتارة هي في غرب آسيا أوشرقها, وتارة في إفريقيا أو أوروبا أو أمريكا الجنوبية أو الشمالية, وطبعاً ليس سبب التطوّر هو جماعة واحدة تهاجر بين هذه المناطق بل هو منهجيّة الجماعة القاطنة في المنطقة في هذه الفترة من التاريخ. ممّا سبق نرى أنه لا يوجد هناك اختلاف عقلي أو فكري بين أيّ جماعة وأخرى, والاختلاف هو فقط في الشكل وبعض العادات المكتسبة من خلال الحياة في البيئة المحيطة, وهذا يطرح سؤالاً: من أين تأتي العنصرية؟ فمازالت العنصرية تتغلغل في بعض أفراد بعض الجماعات ممّا يؤدّي إلى صدام حضاري واعتقاد بعض الجماعات أنّها أرقى من جماعات أخرى. وما يهمّني هنا استشراء العنصرية في العالم العربي بشكل كبير, واستشراء عنصرية العرب بين بعضهم البعض مع التعريج على داء الطائفية, وهذا سيكون حديثي في الأيام المقبلة إن شاء الله

٦/٢٢/٢٠١٠

الربع الخالي


ربّما لن يهتم أحدٌ لقراءة كلام يكتبه شخصٌ ما ليعبّر عمّا في داخله من أفكار وهموم شخصية, فلكلّ إنسان أفكاره و تجربته الشخصية الّتي تغنيه عن إضاعة وقته في قراءة تجارب الآخرين وأفكارهم. وأعتقد أنّ قارئي هذا الكلام لن يتجاوزوا نصف أصابع اليد الواحدة بمن فيهم أنا
إنّ ربع قرن من الزمن مدّة طويلة جدّاً, عدد كبير جدّاً من الأيّام ومياه تكفي لإغراق المريّخ مرّت من تحت الجسور, ولو أخذنا بالمعدّلات الطبيعية لحياة الفرد فقد عشت أكثر من ثلث عمري. وإن حوّلت هذه المدّة إلى مادّة, أجد أنّني لم أحقّق شيئاً على الإطلاق, ربع قرن من اللاشيء, يبدو هذا مخيفاً. فعندما أنظر خلفي أرى أنّني لم أُسعد أيّ شخص ولم أسعى أنا نفسي خلف السعادة كما يرى الدستور الأمريكي. كلّ ما زرعته في الخمس والعشرين سنة الماضية هو بعض الأفكار والأحلام وكنت أنسى في أكثر الأحيان سقايتها حتّى كادت في مرّات كثيرة تذبل وتموت, وأنا أومن أنّ بموت أحلام الإنسان تموت روحه وبالتالي يصبح جهازاً ينتظر قرار إنهاء خدمته لعدم توافر قطع الغيار. حضرتُ عزاء أحلام معظم من حولي, وأحلام معظم الناس تقلّصت إلى حلم الحياة فقط بانتظار الموت, فتحوّل هؤلاء من أنهر إلى بِرك راكدة تنمو فيها مختلف أنواع الطفيليّات والحشرات, فيُضرب جوهر الإنسان وتتوقّف مسيرة التطوّر الإنساني فيهم فيعيقون تطوّر أجيال وأمم. كم أخشى موت أحلامي ولحاقي بهؤلاء في أمل أن تضع أفخر أنواع الحشرات بيوضها في بركتي. رغم أنّ أحلامي مازالت موجودة ولكنّي أخشى أنّ عدم اكتراثي بها سيبقيها أحلاماً, تموت وتنتهي مع الزمن, فالأحلام تحتاج إلى الخروج من الشرنقة وفرد الأجنحة والطيران, أعتقد أنّ ربع قرن من الأحلام والأفكار في الشرنقة كافية جدّاً, وجاء الوقت الّذي أعمل فيه على أن تصبح هذه الأحلام ذكريات حيّة عندما أنظر خلفي بعد ربع قرنٍ آخر. على كلّ إنسان أن يبذل كلّ ما بوسعه كي يحقّق آماله فبهذه الطريقة يخدم تطوّره وتطوّر وطنه ويحافظ على إنسانيته. بالنسبة لي عندما أرى أنّني لازلت بعد ربع قرن من اللاشيء محتفظاً بأحلامي ولازلت أريد تحقيقها أجد أنّ المستقبل لا يبدو مخيفاً لهذه الدرجة, وسيكون هذا المستقبل كما أريده. هذا على الصعيد الشخصي, أمّا العام فدعنا منه الآن فله كلام كثير آخر. بالنسبة لي انتهى عصر الأحلام المجرّدة وبدأ عصر تحقيق هذه الأحلام ببذل الجهد الّذي لم أبذله طوال هذه سنوات فأنا لا أريد أن أكون برِْكة وأحلامي تريد أن تكون واقعاً, آن للنهر أن يجد له مصبّاً, وكل ربع قرن و أنتم وأنا طيّبون

٦/٠٧/٢٠١٠

Launch

عشرة أيّام ونستهلّ الكتابة
10 days to go